(1930- 1969) روائي مصري، ترك بلده مصر في أوائل الستينيات وسافر إلى أوروبا ليعمل في وظائف غير مستقرَّة، منها: عامِلٌ في مصانع ببرلين، وهي الفترة التي بدأ فيها بكتابة روايته الأولى والوحيدة، هي: "البيرة في نادي البلياردو"، والتي كتبها أثناء إقامته في أوائل الستينيات بين برلين ولندن، كما عمل كمراسل صحفي، وكتب تحقيقات لمجلة صنداي تايمز بناء على زيارته لإسرائيل في الستينيات. وصدرت ترجمة مجموعته القصصية التي نشرها متفرِّقة (الورود حقيقية) عن مركز المحروسة، كما أصدر ترجمة رسائله ومذكِّراته (رسائل السنوات الأخيرة). انتحر وجيه غالي في شقة الكاتبة الإنجليزية ديانا آتهيل عام 1969.
الخَيالُ خَيالٌ، ويُهدَرُ إنْ لم تُطلِقْ له العنان؛ لهذا انتظرتُ تلك الزِّيارةَ، تَدرَّبتُ على وضعيَّاتٍ مُثقَّفَة، أَكْثَرْتُ من ارتداء بلوڤرات برَقَبَةٍ وبناطيلَ مخمليَّةٍ، وضَعتُ كَومَةً من الأوراق المطبوعة فوق طاولَتِي، أَلقَيتُ عِدَّةَ أوراقٍ كيفما اتَّفقَ، دَسَستُ ورقةً نِصفُها مطبوعٌ في الآلَةِ الطَّابِعَة "مع الفصل75" واضِحًا أعلاه، وبشَكلٍ ما أضفَيتُ بعضَ الفَوضى على غُرفَتي بزُجاجاتِ ويسكي مُمتَلِئَة وفارِغَة في كُلِّ مكان. وبإضافَةِ أعقابِ السَّجائِر والطَّفَّايات وفناجين القهوة، بدا المَكانُ مُنتجًا فعلًا.
ها هو الأمر، أدخُلُ في هذه الحالَةِ من التَّفكير والشُّعور، وفجأةً أتلفَّتُ حولي، أين أنا؟ ماذا أفعل هُنا؟ في مكتبٍ مع أُناسٍ لِطافٍ، ولكن يَخلونَ من الحَياة. ما الَّذي أفعَلُه هنا بينما أُريدُ أن أتَصارَعَ مع روسيا والأَقباطِ والمَشاعِرِ والأَحاسيس. وفجأةً أَشعُرُ بما شَعرتُ به في هَذَيْن الصَّباحَيْن، بطريقَةٍ مُختَلِفَة قليلًا، وأقول: الجسد، الروح، القلب! المساكين؛ يُبدّدون ويُحتَضَرون، لحظةً بعد لحظة... لا شيء... لا شيء.